الحرب الأهلية تعد من أخطر أنواع الحروب التي يمكن أن تندلع في أي مجتمع، وبالنسبة للبنان، فإن تجربة الحرب الأهلية التي عاشتها البلاد بين عامي 1975 و1990 تركت جراحًا عميقة في وجدان الشعب اللبناني، ولا يزال أثرها حاضرًا حتى اليوم. هذه الحرب لم تستثنِ أحدًا، فقد دمرت البنية التحتية، وشتتت العائلات، وخلقت أجيالًا عاشت في ظل الخوف وعدم الاستقرار.
لبنان هو بلد صغير ولكنه يتميز بتنوعه الطائفي والثقافي. هذا التنوع كان يومًا مصدر قوة وغنى، ولكنه في لحظات معينة تحول إلى عامل انقسام بسبب التدخلات الخارجية والمصالح الضيقة للبعض. الحرب الأهلية لم تكن مجرد صراع مسلح، بل كانت مرآة لمخططات وتدخلات خارجية استخدمت أبناء الوطن كوقود لصراعات لا تمت للبنان بصلة. الطوائف التي اعتقدت أنها ستحقق مكاسب من الحرب، وجدت نفسها في النهاية خاسرة، لأن دمار الوطن هو دمار للجميع.
عندما تنقسم البلاد على نفسها وتتحول الطوائف إلى أدوات في أيدي أطراف خارجية، يكون الخاسر الوحيد هو الشعب اللبناني بأكمله. لا يوجد منتصر في حرب أهلية؛ المنتصر الوحيد هو من يجلس على ركام الأوطان ليفرض أجنداته.
إن من يدعو أو يسعى لإشعال فتيل الحرب الأهلية من جديد في لبنان هو عدو للوطن. هؤلاء لا يملكون الحس الوطني الحقيقي، ولا يرون في لبنان إلا ورقة يستخدمونها لمصالحهم الخاصة، سواء أكانوا من الداخل أو من الخارج. هؤلاء لا يريدون سوى أن يحرقوا ما تبقى من هذا البلد لمصلحة جهات خارجية تسعى لاستغلال لبنان كأداة في مشاريعها الإقليمية أو الدولية.
الرسالة إلى هؤلاء هي واضحة: الحرب الأهلية لن تجلب إلا المزيد من الدمار والفرقة، ولن تكون هناك طائفة منتصرة على حساب أخرى. من يلعب بنار الحرب الأهلية يخون وطنه ويخون أهله، وهو يسهم بشكل مباشر في تدمير ما تبقى من هذا البلد الجميل. يجب أن يتحد اللبنانيون اليوم أكثر من أي وقت مضى ليحموا وطنهم من السقوط في دوامة الحرب مجددًا، وليقولوا لكل من يسعى إلى إشعال الفتنة: “لبنان ليس للبيع، ولن يكون ساحة لحروب الآخرين.”
الأوطان تبنى بالتفاهم والتسامح، لا بالاقتتال والتناحر.
سنا فنيش
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي موقع سانا نيوز شكرًا على المتابعة.