أقتصادمقالات

الدولرة بين التجربة والواقع في لبنان


كثر الحديث عن الدولرة في الاقتصاد اللبناني وهو وأن كان أقتصاد قائم على التعامل اليوم بشكل شبه كامل بالدولار الاميريكي لكن عملية الدولرة ليست الشاملة ليست سهلة وتحتاج الى الكثير من الشروط . أن الذهاب نحو الدولرة الشاملة يحتاج الى تحقيق الكثير من النقاط منها ولا بد من ألية محددة يجري السير بها ويمكن تلخيص هذه الالية بالنقاط التالية :
1- وجود حوار بين كل الفرقاء الأساسيين في الاقتصاد ومنهم الدولة اللبنانية ، التجار ، الصناعيين ، المزارعين ، مقدمي الخدمات ، والنقابات الممثلة للعمال والموظفين ، بحيث يؤدي ذلك الى أجماع أو اتفاق شبه جامع .
2- وجود داعم دولي في هذا الخيار وخاصة من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والذي يمكن ان يقدم دعم كبير في هذا المجال .
3- القيام بأصلاح القطاع المالي لناحية السياسات المالية المعتمدة والالتزام بالمعايير المحددة في الاتفاقيات الدولية ولا سيما منها بازل واحد وبازل 2 لناحية نسب الملاءة ، السيولة ، والاموال الخاصة .
4- وجود برنامج واضح وشفاف للوصول الى نظام الدولرة الشاملة بشكل رسمي مع وجوب تقييم العملية بشكل دائم حتى لا نقع في أي فوضى في السوق .
5- لتطبيق هذا النظام يفترض وجود حد أدنى من الدولارات لدى المصرف المركزي قادرة على تحويل القاعدة النقدية الى الدولار الاميريكي على أن لا تتجاوز نسبة السيولة العشرة بالمئة من الودائع لدى المصارف .
6- تعديل بعض القوانين ولا سيما قانون العمل وقانون النقد والتسليف لجهة اعتماد الليرة اللبنانية في
7- محاولة الاستفادة من حصة من المعروض من العملة الأجنبية التي حلّت محل عملتها الوطنية ، كما لو كانت منطقة إضافية ضمن نطاق البلد المصدّر لهذه العملة الأجنبية ، في حالة الدولار الأميركي ، فهي الولايات المتحدة .
لا يحتاج البلد المعتمد على الدولار إلى وجود فائض في الحساب الجاري لتجميع الدولارات ، يمكن أن يؤدي تدفق الاستثمار الأجنبي أو تحويلات المغتربين كحال لبنان إلى تعويض عجز الحساب الجاري والوصول الى فائض في ميزان المدفوعات . هذا الامر يمكن ان يؤدي الى الحفاظ على مستوى أسعار مستقرة باسثناء ما يمكن ان يجري على مستوى الأسعار عالميا” . كما يميل معدّل الفائدة إلى التقارب مع مستوى أسعار الفائدة الأميركية .
بعد التحول الى الدولرة الشاملة تسقط معظم وظائف البنك المركزي وخاصة لجهة الوظائف التالية :
– أصدار النقد حيث يصبح الدولار الأميريكي هو العملة الرسمية وعملية أصدارها منوط فقط بالبنك الفدرالي الأميريكي .
– تعديل أسعار الفائدة فهذا الامر أيضا” يصبح منوط بالسلطات النقدية الاميركية .
يبقى القول، إنّ الاقرار بالدولرة الشاملة لم يكن يومًا خيارًا مرغوبًا لأي بلد، بل يأتي على طريقة “مكره أخاك لا بطل” كأمر واقع يفرض نفسه، بعد افتقاد الثقة والشفافية والاصلاحات الحقيقية وتعثّر بقية الخيارات… في حال ثمة خيارات أخرى لا تزال متاحة، لا بدّ من فتح النقاش العلمي حولها.. إما الفوضى وإما الحوار العلمي المسؤول للآليات الرسمية…
لكن للدولرة الشاملة عواقب وعقبات كثيرة نذكر من هذه العقبات :
– أن رواتب القطاع العام محددة بالليرة اللبنانية فكيف سيتم تحويلها الى الدولار الاميريكي وعلى أي سعر ؟
– هل تستطيع الدولة اللبنانية تأمين نفقاتها بالدولار الاميريكي من خلال الرسوم الجمركية والضرائب وكافة أنواع الرسوم التي تفرضها ؟
– في حالة العجز في تامين هذه النفقات هل ستلجأ الى الاسواق المالية مجددا” للأستقراض من السوق المالي لتسديد نفقاتها ؟
– ستفقد الحكومة اللبنانية أهم العوامل التي كانت تمتلكها في السابق وهي تحفيز الاقتصاد من خلال تعديل معدلات الفائدة على العملة الوطنية وتعويمها في حالة الركود والعجز في الميزان التجاري .
– فقدانها لأهم عنوان من عنوان السيادة الوطنية وهي القدرة على أصدار النقد والتحكم بعملية الاصدار والسياسات النقدية والمالية .
إنّ اللجوء الى الدولرة الشاملة لم يكن يومًا خيارًا مرغوبًا في أي بلد ، بل يأتي كأمر واقع يفرض نفسه نتيجة لعدم قدرة البلد على مواجهة الفساد وعدم قدرة البلد أيضا” على أيصال الشخص المناسب الى الوظيفة المناسبة فتاتي الدولرة الشاملة لكي تكون أطار مفروض لا يمكن التلاعب به ولا يمكن التحكم بمخرجاته من قبل الطبقة السياسية وتعديله أو استخدامه لمصلحتها .
د. عماد عكوش

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق