
يتمسك الفقراء من اهل المال الحلال بالغيب بقوة لأن الغيب وحده يحفظ لهم بطولاتهم الوهمية وتضحياتهم المجانية ويعوّض لهم عن عجزهم في الدنيا بقصور وانهار وبحوريات.
يتمسك الانذال الأثرياء من اهل المال الحرام بالغيب ليثبتوا لأنفسهم انهم ليسوا اشرارا إنما الرب يرزقهم بلا حساب اي ان السماء اختارتهم دون غيرهم لعلم عند الرب وحده.
التطرّف في أي فكرة الى حدّ صبغها بالغرابة المدهشة بلا اي منطق للتعبير عن حب او عن كراهية او عن انتقام او عن ثأر او عن دعم او عن تأييد او عن مدح او عن هجاء وذمّ ليس غير تطرّف نفسيّ و مرضي لأدمغة مبرمجة عن طريق الخطأ عبر الوهم والخيال
كل ما هو مبرمج خطأ لن يأتي الا بكوارث.
اطلاق البدَع لادهاش ولنيل اعجاب البعض من الناس ليس غير سلوك مرضيّ نابع من عقل مريض يبحث عن اثبات حضوره بين عقول الآخرين قد مارسوا عليه التنمّر ومارسوا عليه التهميش ومارسوا عليه تفوقهم بالذكاء وبالقوة ما اشعره انه دونهم علما ودونهم حجة ودونهم قوة ودونهم في محبة واحترام الناس لهم.
و أين يتحوّل إعجاب أمّه به وهو منبوذ في الشارع.؟
ما هدف البدعة الا محاولة يائسة وخاطئة للتقرب من الاله الصامت والصابر على مخلوقاته العجيبة التي تبحث بشتى الطرق عن مداخل وعن دروب ملتوية لدخول سمائه .
الجنة ليست مجانية لهؤلاء.
اللجوء الى ممارسة البدَع في طقوس دينية محاولة ناجحة لأشخاص يشعرون بصعوبة في الاندماج مع شرائح في المجتمع تعتبر نفسها نخبوية لذلك يدهشون الآخرين بغرابة سلوكهم .
في غرابة السلوك نكايات وكيدية وانتقام ايضاً.
تبدأ بالبدع بتنافس بين رجال الدين ايّهم أكثر تطرّفاً في التقرّب من الربّ..
احتكار المنابر من رجال دين السلطة والنفوذ يحفز غير المستفيدين من رجالات الدين من اطلاق منابر اخرى منافسة اكثر دهشة.
واكثر ابداعا في نخاطب الجماهير.
الدهشة والبدعة كلمتان متشابهتان بالأحرف وبالمعنى.
القداسة امنية كل متدين والاتصال المباشر بالاله ولو عبر رؤيا او حلم او عبر استخارة هدف خفيّ .
في كل مجتمع أصغير كان في قرية او اوسع في مدينة تجد مَن هم قد احتكروا الصعود الى المنبر ومن هم مختصّون بالصلاة على الميت و بغسله وبتعطيره وبتكفينه او بتجهيزه في النعش ومن هم مختصون حتى في مرحلة ما بعد الموت من تلاوة ايات من كتب مقدسة في خيمة ينصبونها فوق الضريح او قرب باب الخشخاشة ليؤنسوا الميت في وحشة لياليه الاولى في القبر بحجة انهم نالوا شرف خدمة المعبد او خدمة الاله او خدمة الانبياء او خدمة الاتقياء علما ان عملهم مهنة ويتقاضون في المقابل اجراً ولو انهم لا يسمّون ذلك راتبا بل صدقة لوجه الرب.
لا علاقة للربّ بمهنة هؤلاء .
صحيح ان اليهود هم الاكثر علما الا انّهم ايضا الاكثر ضربا برؤوسهم على الجدار ليرضى يهوه!
وكلما كان القلق الوجودي عند الناس اعمق واقوى ورافق القلق الوجودي هذا ضعفاً في الذكاء لجأ هؤلاء بقوة نحو مُطلق البدع تلك لعلهم يجدون عنده اجوبة علاجية لتوترهم الدائم المنغّص عليهم سعادتهم التي لا يشعرون بها او التي عرفوها واختفت.
مطلقوا البدع يستندون دائما على شرح خاطىء خاص لآية او لعبارة مقدسة وكلما كانت اللغة غنية بالكلمات الرديفة وباعداد الكلمات الصائبة كمعنى او كدلالة عن احداث كاللغة العربية مثلا وجدنا اللعب على الايات وعلى الاحاديث المقدسة والشبه مقدسة اخطر.
هؤلاء العباد ليسوا غير ضحايا لمرضى نفسيين اكثر ادهاشا وسحرا اخطؤوا في السير نحو الحل فبدل ان يتوجهوا نحو الطب النفسي قصدوا ما يشبه المعبد واحتلوه وجذبوا اليهم من يشبههم باضطراباتهم الذهانية المستترة.
الاضطرابات الذهانية المستترة والمسيطر عليها لا ينتبه لها العامة لانها مقنعة بالدين.
إن كان المسيح ابن مريم (ع) الها او ابن اله او واحدا من ثلاث فلماذا لا يكون الامام علي(ع) شبه اله او ذو خصائص الهية مثلا!!
لا شيء يمنع.
يهوه لم يستسلم في السماء ما زال يقاتل .
هناك مجموعات كثيرة متدينة في العالم امرهم كبيرهم بالانتحار الجماعي لملاقاة الرب فورا وانتحروا والامر ليس جديدا مع تنظيم القربان.(معبد الشمس)
المخلص خرج عدة مرات الا انهم قتلوه في السودان وفي كردستان وفي أنحاء أخرى.
قبل ان يعبّر الخيال عن نفسه في قصة يرويها الحكواتي يُدخل فيها عنترة ساعة يشاء الى السجن ويخرجه منه ساعة يريد كان على الخيال ان يهيمن على الحياة اليومية ولكلّ وفق اضطراباته و وفق هواماته و وفق امنياته و وفق احقاده.
يحتل الخيال اكثر من وظيفة نصف الدماغ.
الان يكذب البعض رغم وجود التوثيق صوتاً وصورة.
بلا ء الناس في اثنان في داعشية العلمانيين وفي خيال مرضي لمتدينين يظنّون انهم قبضوا على الحقيقة…
من هنا ومن تحت شجرة رمّان محررة في بلدة حاروف وجالسا على تنكة البقرة الحلوب الصدئة والمطعوجة اتابع عبارات التبجيل والتقديس والتفخيم لبعض رجال الدين دون غيرهم ما يولد شعورا عند المحرومين من ذلك المدح من رفاقهم في الدين و في الكفاح والجهاد والايمان ان ينكشوا الكتب القديمة ليجدوا ما يبهر الجمهور ويجذبه لعل التبجيل والقداسة والنعمة يصلون اليهم ايضا.
الجميع يبحث عن لقب فإن لم يكن استاذا او دكتوراً او عالماً رضيوا بلقب حاجّ.
عالما بماذا لا نعلم.
اقول كلامي هذا واستغفر الله لي ولجميع المؤمنين المتزنين والصادقين والشرفاء.
كل بدعة ضلالة و دلالة عن اضطراب نفسي ولكل اضطراب نفسي مصحّ وعلاج ودواء.
اللهم نجّنا من قضاة ومن أطباء ومن محامين ومن مهندسين ومن اقتصاديين ومن اعلاميين مضطربين من اهل البدع.
أخطر الناس قاض لا يحكم بالعدل.
والله اعلم.
#د_احمد_عياش.
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي موقع سانا نيوز