
سأخبرك عن كثيرين من الذين قتلوا في الحرب الاهلية، الذين راحوا ضحية بعض القادة من السكارى ومن لاعبي القمار والبورصة ويمارسون الزنا بفخر أو ضحية بعض التجار المتدينين الذين لا يتناولون مُنكر و يحرّمون لعب ورق الشده إنما يحللون التجارة كبيع وشراء حرام بحرام و يمارسون الجنس والانحراف وفق وصايا الشرع.
قُتل الذين خُدعوا ان الأطراف الأخرى خائنون ولن تنتهي الحرب الا بإعدامهم و في الحقيقة ان الحرب الأهلية اخذت شكلا آخراً إذ اقتنع كل امراء المتحاربين بضرورة العيش مع الآخرين في رابطة توزيع الحصص والغنائم والصفقات إنما سمّوا تلك الرابطة بإسم دلع قانوني:
“الحكومة”.
بدل اقتحام السوديكو او ارتكاب مجزرة الكرنتينا والنبعة والدامور اختاروا ارتكاب مجازر مالية بحق الناس إنما بالتساوي و وفق رواية اتفاق الطائف الذي ما كان ليكون لولا ضرورة اقتحام العراق والانتهاء من آمال البعث العربي الاشتراكي وتحرير الكويت.
كل جرحى الحرب الأهلية تُركوا عند أهلهم وحيدين ممددين على اسرّتهم لا يزورهم ولا يهتم بهم احد وإن نقلوهم إلى المستشفى فعلوا ذلك بعد تقبيل الايدي ومسح اللحى.
لا فرق بين شربل المشلول من رصاصة مزقت النخاع الشوكي في الظهر في معركة بدادون وبين حسين الراقد على السرير من شلل رباعي نتيجة شظية اتلفت النخاع الشوكي في الرقبة في معركة عينطورة.
سمّوا القتيل شهيداً ليرتاحوا من عتب اهله وسمّوا الجريح المقعد بطلاً ليواسوه كي يرضى اما أبناء أمراء الحرب الدورية والسلام المؤقت فقد سكنوا أبراج بيروت وتبوؤوا المناصب بعد ان تمّ سحق كوادر البرجوازية العتيقة بكوادر البرجوازية الجديدة الملوثة بالدمدولار.
الحرب الاهلية هي حالة نقل سلطة من دولة مالية عميقة إلى دولة مالية عميقة امكر.
كل الذين قُتلوا بالحرب ماتوا بلا جدوى حتى لو صاح الشيخ في صلاة الجنازة وحتى لو بكى المطران في القداس.
حرب اهلية تسببت بخسائر هائلة أسفرت عن زيادة بعض المدراء العامين لطرف وبعض النواب و الوزراء لطرف آخر وبقيت الدولة بنظامها الراسمالي الحرّ وقطاعها المصرفي المعظم يسرقون الناس باللعب بالليرة كل عشرين سنة بدل رفع المتاريس.
وانت تضاربت مع صاحبكم أجل موقف سياسي احمق.
ولا احد يعاتب احد “ويا دار ما دخلك شرّ”.
بل دخل الشرّ كل دار وما زال الأشرار يسرحون ويمرحون وما زال اللبنانيون ضحايا المقدّس اللعين يحلمون كل يوم ان “غدنا سيكون افضل”.
يأتي رئيس ويمضي رئيس و اللصوص الحقيقيون احراراً على الارائك يضحكون …
إن اصريت على طائفيتك فلا تستغرب إن دفعت الثمن في اولادك او رزقك او حتى في روحك.
اذهب الى الجحيم!
لن ينجو احد.
الحروب العبثية ليست صدفة بل هي تسليم و استلام بين دولة مالية عميقة قحباء و دولة مالية عميقة عاهرة شرط أن يبقى الرأسمال الحرام.
اما انت فابقى كما كنت تصدّق ما يخبرونك اياه لتتحمس و لتموت رخيصاً في سوق تناطح الثيران.
لا تكن ثوراً!
لا تكن جاموساً!
لا تتجومس!
انج بروحك!
والله اعلم.
د.احمد عياش
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة.







