
من أين البداية وأنتم من كنتم المبتدأ والخبر، وكنتم بلسم كل علّة، وكنتم حروف الأبجدية من ألفها ليائها على امتداد كل معاني الإنسانية تبلسمون الجراح، تخففون عذابات الثكالى، تلملمون بأكفكم المطهرة بقايا أشلاء شهيدٍ اقسم أن لا يدوس تراب بلاده محتل غاصب ٳلا على أشلاء جسده.

ٳنهم المتطوعون بكل ما أتاهم الله من خيره وفضله وكرمه، متطوعون بوقتهم على حساب صحتهم، متطوعون بمالهم على حساب فُتاة دنيا غابرة لا تقدم لنفس صاحبها شيئاً إن لم تقارن بالعمل الصالح، إنهم فتية طبقوا قول ربهم “وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ”. نِعم المتطوعين ٲنتم في سبيل الله وعند ربكم الأجر العظيم.
إنهم جنود جمعية الرسالة للإسعاف الصحي، الذين تعجز العبارات من أن تفيهم حق جهادهم وصمودهم، لا عجب، فهم أبناء من أقسم بإسمهم قبل أن يولدو بأن لا نهدأ حتى لا يبقى محروم واحد، و هم تلامذة من قال بهم انكم نوع من انواع صيانة المجتمع وأكثرها إنسانية.
هذه الجمعية وطوال فترة حرب الإسناد وعدوان أيلول، قدمت على مذبح الشهادة والوطن خيرة رجالها، من مسعفين وقادة ميدانيين في الدفاع المدني دفاعاً عن لبنان والجنوب و ذوداً عن كرامة اهله، ومنهم الشهيد مهدي عبد الرضا، صاحب البشرة السمراء التي بيضها الله عند الزهراء حيث أتاها مخضباً بدمه على طريق الحسين سيد العالم والأئمة الأطهار.
مهدي عبد الرضا، صدق ما عاهد الله عليه فقضى نحبه شهيداً محتسباً، على يد شرار خلق الله قتلة الأنبياء، مهدي الذي ترك ترف العيش في بلاد الغربة و التحق في صفوف الجمعية، حيث دفعته إنسانيته و تربيته الكشفية الأصيلة للتطوع في خدمة أهله ومجتمعه، مهدي الإنسان الجنوبي من ام افريقية، اورثته سمرة البشرة وأسقته الإنسانية مع حليبها فتشبعت شخصيته بهذه السمة السمحة.

مهدي كغيره من أخوانه المسعفين، لم يترك ميدان جهاده وصمد حتى الرمق الأخير، حيث عاجلته غارة معادية أثناء قيامه بواجبه الانساني فارتقى مع ثلة من رفاقة الشهداء، ملبين نداء الرفيق الأعلى إلى جوار سيد الشهداء.
مهدي عبد الرضا، نلت ما ارتضت به نفسك من رب كريم، و ستعود يا سميّ المنتظر مع جيش من الشهداء بوجوهكم المسفرة، ضاحكة مستبشرة.
مهدي عبد الرضا او كما يحب أن ينادوه “camla”، كان خير مثال للمسعف المندفع إلى ما وراء الواجب، مهدي الهادئ اللطيف المحبوب من جميع اصدقائه، غيابه ألم ونقص وفراغه لا يسده احد، تراه يركض خلف الأرواح المتعبة ليبلسم جراحها، إلى أن ارتقى مثخناً بجراحه.
بقلم وسام حسين







