اقلام حرةمقالات

قضاء ام عدالة هذا هو السؤال؟-1-

حتى لو القضاء قبلَ اعتراف المتهم بالجريمة فإنّ العدالة لا تقبل الا بالدليل والاثبات والقرينة إذ على المعترف بجريمته ان يقدّم الحجّة المقنعة لأن العدالة لا ترضى ان ينال العقاب اي محاول للتستر على آخر.

حتى لو قتلت وحتى لو اعترفت فالعدالة بحاجة لبرهان حاسم منك.

القضاء لا يحمي المغفلين والحمى والمساكين بينما العدالة تحميهم.

القضاء يأخذ بعين الاعتبار الأمن الاجتماعي وقضية الرأي العام بالحسبان اي انّه يتحسس من اعلام غالباً ما يكون موجّهاً لنصرة أصحاب العلاقات القوية بالدولة المالية العميقة والاعلام الموجّه قادر ان يجعل من تفاهة قصة رأي عام وقصة فتنة طائفية حتى لو كان الأمر قنينة ماء بينما العدالة لا تتأثر بأمن اجتماعي ولا يهمّها رأي عام ولا حتى هي مستعدة ان تحترم معبداً على حساب عبد مظلوم.

فإن كان كلام الشيخ من خلّ فلا يعني ذلك أبداً ان كلام المطران والقس والحاخام من عسل.

هذا هو الفرق بين قضاء قابل للتمدد وللانكماش وعدالة لا تتأثر بحرارة مرتفعة ولا بهواء او ضغط او جليد .

القضاء رهينة قاض وقضاة ومحققين ومحامين وامنيين بينما العدالة لا سيّد لها ولا تسمح ان تكون أسيرة لغير الحقيقة العارية تماما مهما كان للحقيقة من ارتدادات وتبعات لذلك السماسرة وأهل المال الحرام ومسخّرين القوانين وحتى للشرع لصالحهم يفضلون القضاء وحتى القضاء النزيه بينما يكره الجميع العدالة بإستثناء الشرفاء والمثقفين الابرياء.

مهما اتسع هامش القضاء بفضل محامين محنّكين لا يهمهم ان ينال المجرم الحقيقي عقابه الاقصى بقدر ان يربحوا اتعابا عالية و دعاية مهنية والقضاء مهما اتسع هامش المناورة لديه يبقى حجمه عند حدود مواد قانونية إلزامية بينما العدالة تميّز بين محام محتال يلعب بالمواد القانونية ليفوز بغض النظر عن تثبيت الحق ومحام يمارس مهنته لإنارة التحقيق ولكشف الوقائع كما هي لتسلك العدالة بأمان في طريقها.

العدالة لا تحدها مواد قانونية.

القضاء يعطي المتهم اسبابا تخفيفية وأحيانا يقلّص مدة العقوبة بحال اكتظاظ السجون بينما العدالة لا تناقش أمراً محسوماً حتى لو كان السنّ بالسنّ والعين بالعين وحتى لو لم يكن البادىء أظلم.

القضاء عادة يتضامن مع القتيل وكأن المقتول دائماً ضعيف وبريء والقاتل حقير وشرس ومشروع إعدام بينما العدالة لا عاطفة فيها ولا تنظر للجريمة كقتيل وقاتل إنما تزن الامور وتُخرج الحقيقة من الالغاز وتدين المجرم الحقيقي حتى لو كان المقتول نفسه.

للمال وللسياسة ثغرة يعبرانها في القضاء بينما المال والسياسة لا يقربان العدالة ابداً.

لا يسلك طريق الحق الا قلّة لأن طريق الحق تنيره مصابيح العدالة الطبيعية لا أضواء القضاء الاصطناعية.

العدالة تسير على نور الشمس والقمر بينما القضاء يسير على إنارة الواح شمسية فوق مبنى قصر القضاء و على اشتراك المولد الكهربائي في الحيّ او على إنارة الدولة مع او بدون تقنين .

كوخ عدالة ولا قصر قضاء لأن العدل يرفض ان يسكن قصراً.

لا تقولوا قصر العدل لأن في هذا الكلام احتقار للكادحين والفقراء بل قولوا دار العدالة.

دار العدالة. 🌹.

ازمة المواطن انّه عمل ويعمل من اجل قضاء بينما على الإنسان أن يعمل من أجل العدالة.

اقول كلامي هذا واستغفر الله لي ولكم.

والله اعلم.

د.احمد عياش 

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى