اقلام حرة

الجامعة العربية ومحاولات تنظيم حماية حقوق الإنسان

الجامعة العربية ومحاولات تنظيم حماية حقوق الإنسان

،، عبد العزيز بدر القطان ،،

كان العرب يطمحون إلى أن يكونوا أمة واحدة لهم الحق بتشكيل كيانهم المستقل وإقامة دولتهم الموحدة، لكن مشروعهم لم يتحقق نتيجة تآمر بعضهم مع الغرب للإجهاز على الدولة العثمانية في فترة الحرب العالمية الاولى، وسط وعود غربية بإقامة دولتهم العربية، مصدقين الغرب في روايته.

هذا الأمر أوقع الأمة العربية في براثن الإستعمار الغربي، والجميع يتذكر تآمرهم، وكنا قد أشرنا إلى دور الغرب وزرع الجواسيس مثل من أسموه “لورنس العرب”، ومخطط سايكس بيكو الذي إلى الآن تداعياته مستمرة، وبالتالي ورغم ذلك حصلت بعض الدول العربية على إستقلالها من الإستعمار في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وما إن تحقق ذلك، حتى فوجئت الأمة العربية بهجمة إمبريالية تجسدت بإنشاء كيان عنصري إستيطاني تم زرعه في قلب الوطن العربي أي في فلسطين المحتلة، هذا الكيان منذ يومه الأول بدأ بإنهاك القوى والطاقات العربية وسلب كل ما يستطيع سلبه من مقدرات العرب، ما أجهض كل محاولات التطوير والوحدة والتنمية.

ومع ظهور النفط بكميات هائلة في الوطن العربي حتى زادت الأطماع فيه، وأمعن الغرب في تمزيق الأمة العربية وتحويلها إلى دول تشوبها الكثير من الخلافات بين بعضها البعض، من خلال رسم الحدود ضمن مخططات وهمية.

لقد خلق هذا التمزيق للوطن العربي حالة من عدم الاستقرار وبالتالي لم تستطع الأمة العربية مع هذا الوضع أن تعيد تشكيل مجتمعها في ضوء وحدة قومية، وبالتالي لم يستطع العرب مواكبة حركة الحضارة ومتغيراتها الحديثة الهائلة وبقيت حالة الأمة متأرجحة صعوداً وهبوطاً بين الشعارات والموروثات، بينما بقيت في الحقيقة والمضمون بعيدة عن الشعوب التي كثيراً ما عانت الإستبداد والطغيان والتهميش وأرغموا على الجمود والإنهماك في قضاياهم المعيشية ومشاكلهم الخاصة.

ما يعني أن التحرر من الإستعمار في البلاد العربية كان ظاهرة شكلية، لأن الوطن العربي لا يزال محكوماً من الغرب بطريقة أو أخرى، ما جعل حقوق العرب في الحياة والحرية والأرض والمصير والتطور عرضة للإنتهاك والقمع، خاصة بعدما سارت الكثير من الأنظمة العربية الرسمية على خطى الغرب وأصبح جل همهم الحفاظ على حدودهم الوهمية وكراسيهم، بعيداً عن تطلعات شعوبهم وآماله، وبالتالي تم إنشاء جامعة الدول العربية نادت بحقوق الإنسان وأدانت إحتلال فلسطين، والكثير من الدول العربية جعلت حقوق الإنسان مواد ثابتة في دساتيرها خاصة بعد إنتهاء فترة الإستعمارين الفرنسي والبريطاني، لكن وبكل صدق بقيت هذه الحقوق مجرد واجهة جميلة في تلك الدساتير ولم يعرف المجتمع العربي من خلالها أو بدونها النمو الديمقراطي التي عرفته شعوب الأرض الأخرى.

لكن الجامع اليوم في البلاد العربية، هو إستبداد الحكام الذين لا يقبلون رأياً معارضاً وزاد تقييد الشعوب، وهكذا تنفرد المنطقة العربية بوضع عجيب وغريب وخطير معاً حيث يشعر المواطن العربي بالعجز وأن لا حول له ولا قوة لأن حريته مقيدة ما يعني أن حقوق الإنسان في بلادنا شعار برّاق وأن صون كرامة بلادنا والنهوض بها يحتاج إلى عقود طويلة من العمل والجهد الكبير.

*مستشار قانوني – الكويت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى