اقلام حرة

العلاقة الملتبسة بالأرقام بين لبنان والمملكة السعودية.

العلاقة الملتبسة بالأرقام :
منذ العام 1991 والعلاقة ما بين الجمهورية اللبنانية والمملكة العربية السعودية هي علاقة ملتبسة ، فمعظم أحزاب لبنان يمجدون هذه العلاقة ودائما” ما يشكرون المملكة على مكارمها مع الدولة اللبنانية لذلك أرتأيت أن أدخل بتفاصيل هذه العلاقة ، كيف بدأت والمراحل التي مرت بها منذ الأستقلال لغاية اليوم .
بالرغم من البعد الجغرافي للمملكة عن لبنان فلقد كان لبنان محط أهتمام المملكة منذ استقلاله عام 1943 ، ولقد خاضت الكثير من المعارك السياسية في مواجهة من حاول فرض سيطرته السياسية عليه فكانت معركتها مع مصر أيام جمال عبد الناصر ، ومن ثم مع سوريا أيام حافظ الأسد ومن بعده بشار الأسد ، وقد يصدف أن معظم هذه المشاكل كانت دائما مع دول عادت وقاتلت أسرائيل ، ويصدف أيضا” أن لبنان هو الدولة الوحيدة التي عاندت ولم توقع سلام وصمدت لغاية اليوم في وجه أسرائيل .
ما هو السر الذي يجعل دولة مثل المملكة العربية السعودية تهتم بذا الشكل الكبير بدولة صغيرة وبعيدة عنها جغرافيا” كل هذا الأهتمام ؟
أن الأهتمام الأساسي بلبنان نابع من موقعه الجغرافي ، هذا الموقع يلبي العديد من المطالب الخاصة بالحليف الأساسي للمملكة ألا وهو الولايات المتحدة الأميركية ، هذا الأرتباط ما بين أهتمام المملكة ومطالب الولايات المتحدة ورغباتها لا يمكن فصله ، وهذا الأهتمام لن يقف عند حادثة هنا أو سوء فهم هناك وبالتالي الوظيفة الأساسية للمملكة لم تنتهي بعد بالنسبة للبنان وبالتالي لا خوف على أنسحاب المملكة اليوم من لبنان ولن تنسحب ما لم تسمح لها الأدارة الأميريكية.
بما يتعلق بالمساعدات :
أما ما يتم الحديث عنه من مساعدات ووقوف ألى جانب لبنان منذ عام 1981 حيث ان لبنان قبل ذلك العام لم يكن بالأساس بحاجة لهذه المساعدة ، فقد كان الوضع الأقتصادي اللبناني ممتاز وكان لبنان يملك أقتصاد قوي مدعوم بتغطية من الذهب المملوك من قبل مصرف لبنان وأحتياطي من العملات الصعبة كبير جدا” .
مجلة الشرق الأوسط تقول أن المملكة قدمت للبنان مساعدات منذ العام 1981 لغاية اليوم حوالي 70 مليار دولار وهي توقفت عن تقديم المساعدات تقريبا” مع أندلاع الثورة السورية ، يعني في نهاية العام 2010 تقريبا” ، فأذا قمنا بحتساب المتوسط السنوي للمساعدات السعودية للبنان فهي تبلغ وفقا” لجريدة الشرق الأوسط المنشورة في العدد الجمعة – 17 جمادى الأولى 1437 هـ – 26 فبراير 2016 مـ رقم العدد [ 13604] تبلغ حوالي 2.35 مليار دولار سنويا” ، فأي كذبة هي هذه الكذبة ، خاصة أذا ماأضفنا أليه الدين العام الذي تراكم منذ العام 1981 لغاية نهاية العام 2010 والذي بلغ أكثر من ستون مليار دولار ، وهذا يعني صرف أكثر من 130 مليار دولار على أمور وبنية تحتية غير موجودة ، لقد دفعت المملكة أموال على أمور غير موجودة وبالتالي هي أمام أحتمالين :
– أحتمال أنها دفعت هذه الأموال للسماسرة وليس للدولة اللبنانية .
– أو أن المملكة لم تدفع أي مبلغ من الأساس .
بما يتعلق بحجم العمالة اللبنانية لدى المملكة:
قبل العام 2005 وصلت حجم العمالة اللبنانية في المملكة العربية السعودية الى حدود 250.000 عامل ورب عمل ، وكان لهذه العمالة الأثر الكبير في نهضة المملكة وتقدمها ، لكن مع تراجع الأقتصاد السعودي والسياسات الضريبية الجديدة والرسوم الأضافية الكبيرة على الأقامات ، والأفلاسات التي طالت مجموعة سعودي أوجيه ، ومع بدء سياسة السعودة التي أنتهجتها المملكة منذ العام 2017 بدأ عدد العمال الأجانب في المملكة بالتراجع حيث تراجعت بمقدار ثلاثة ملايين خلال الفترة الماضية والأسباب الرئيسية كانت للتراجع هو الركود والرسوم الكبيرة على الأقامات التي تجاوزت 2000 دولار سنويا” للفرد الواحد .
هذا الأنخفاض أنعكس على كل العمالة ومن ضمنها العمالة اللبنانية ، أضافة الى العامل السياسي الذي حكم العلاقات مع طائفة من العمالة اللبنانية والتي تناولتها التهديدات والعودة القسرية الى لبنان مما خفض حجم العمالة اللبنانية الى أقل من خمسين ألف لبناني اليوم ، لا تتجاوز تحويلاتهم السنوية مبلغ 300 مليون دولار سنويا” .
بما يتعلق بالتجارة الخارجية مع المملكة:
قبل الأزمة اللبنانية كان لبنان يصدر الى المملكة العربية السعودية بضائع بقيمة لا تتجاوز 150 مليون دولار سنويا” ، بينما يستورد منها بما يزيد عن 350 مليون دولار سنويا” ، وكان الميزان التجاري دائما” لمصلحة المملكة ، بعد الأزمة اللبنانية والتي بدأت في تشرين الأول عام 2019 بدأت واردات لبنان من الخارج تنخفض وبشكل دراماتيكي وصلت الى نسبة 50 بالمئة أنخفاض في أجمالي المستوردات ، حيث كانت هذه المستوردات تزيد عن 20 مليار دولار قبل الأزمة وانخفضت الى حوالي 10 مليار دولار خلال العام 2020 ، وكان الأنخفاض الكبير في السلع الغير أساسية والتي تتضمنها السلع المستوردة من المملكة وخاصة الألبان ، الأجبان ، مواد التنظيف ، المعقمات ، الحلويات زغيرها من السلع الكمالية والتي يمكن أيجاد البدائل عنها ، وحيث بلغت قيمة المستوردات مبلغ لا يتجاوز 25 مليون دولار فيما حافظت الصادرات اللبنانية على قيمتها تقريبا” مما جعل الفائض لمصلحة لبنان ، وبقيمة تتجاوز 125 مليون دولار سنويا” . أضافة ألى ما ذكرنا يكفي أن نضيف بأن المملكة مرتبطة بأتفاقيات تجارية من ضمن مجلس التعاون الخليجي والتي تفرض عليها أعطاء الأولوية لهذه المجموعة في علاقاتها التجارية وتأمين العمالة مما يجعل لبنان في ذيل الأهتمام التجاري والعمالي السعودي .
في المقابل سوريا والعراق هما الدولتان القريبتان والمرشحتان لأنشاء مجموعة سوق مشرقية مع لبنان والأردن وبالتالي أستفادة لبنان من مركزه الجغرافي ومن الأيدي العاملة الماهرة مقارنة مع اليد العاملة في هاتين الدولتين مما يعطيها الأفضلية ، كما أن عملية شبك وسائل النقل بين هذه الدول الأربعة يمكن أن يكبر حجم الأقتصاد ويخفض من كلفة النقل وبالتالي زيادة الصادرات بنسبة كبيرة وزيادة حجم الخدمات في كل المجالات والتي يمكن أن يقدمها لبنان من الترانزيت ، خدمة الطبابة ، السياحة ، والتعليم .
بعد هذا الأستعراض ، لماذا الكلام الدائم عن كرم مملكة الخير مع الدولة اللبنانية ومع شعبها ، هل يستحق ما تم عرضه هذه المنية الكبيرة أم أن السياسة دائما تلعب لعبتها ، والمطلوب تحقيق أهداف سياسية من خلف هذه الطروحات الدائمة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

كتب :دعماد عكوش

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى