
.المقاومة جعلت “المستحيل” ممكناً
كتب أكرم بزي
“إنني أعد نفسي لمحادثة مع حفيدي لأقول له إن نسبة بقائنا في هذه الدولة (إسرائيل) لن يتعدى 50%، ولمن يغضبهم قولي هذا فإنني أقول له إن نسبة 50% تعتبر جيدة لأن الحقيقة أصعب من ذلك” (يارون لندن – صحافي صهيوني). “أنا غير مطمئن أن أولادي سيكون لهم مستقبل في هذه الدولة، ولا أظن أنهم سيبقون في هذه البلاد” (روني دانييل – محلل عسكري في القناة العبرية). “إن استمرار السياسات المتطرفة ضد المسجد الأقصى ستقود إلى حرب يأجوج ومأجوج ضد الشعب اليهودي وستقود إلى خراب إسرائيل” (كارمي غيلون – رئيس جهاز الشاباك السابق). “إنني أشعر بخطر على ضياع الحلم الصهيوني” (مئير داغان – رئيس جهاز الموساد العاشر). “لقد خدعتمونا انتم كذبة يا قادة “إسرائيل”، “إسرائيل” تحترق وصواريخ غزة تنهمر على كافة “إسرائيل” كالمطر. أنتم تكذبون فـ “إسرائيل” من هزيمة إلى هزيمة من حرب تموز 2006 (لبنان) ولغاية الآن” (د. أدليت وايزمان أستاذة التاريخ في الجامعة العبرية).
هذه عيّنة من خلاصات تحدث بها نخبة منوّعة من المجتمع داخل الكيان الصهيوني المصطنع، تدل على أن ما تقوم به المقاومة الفلسطينية الآن في الدفاع عن المسجد الأقصى وحي الشيخ جرّاح في القدس المحتلة، يمثل الخطوة الصحيحة في المسار الحق التي تتبعه هذه الفصائل المقاومة بعيداً عن خيارات “منظمة التحرير الفلسطينية” وخيارات “أوسلو” التي جلبت الخراب إلى الفلسطينيين في الداخل والشتات.
فما عملت عليه القيادة الصهيونية منذ نشوء الكيان العبري ولغاية الآن من تزوير للحقائق التاريخية ومزاعمها التلمودية الكاذبة، استطاعت المقاومة الفلسطينية من توجيه ضربة قاصمة له قلبت المشهد رأساً على عقب، جعلت كل الجهد الذي قام به المخططون والمؤسسون للكيان العبري تضيع هباءاً، فأصبحت غزة المحاصرة تدافع عن القدس وأهالي الضفة الغربية وأهالي الـ 48، بعدما وحدت مسار الأحداث الأخيرة الجهود الفلسطينية في الدفاع والمقاومة الشرسة بالصواريخ وآخرها الإضراب الذي شل الكيان العبري من البحر الى النهر وبرهنت أن الإرادة الموحدة للشعب الفلسطيني تستطيع أن تصفع وتهزم كل جبروت الصهاينة داخل الوطن المحتل.
ماذا يعني أن ينتفض أهالي الـ 48، ويؤازروا إخوانهم في القدس والضفة وغزة في معركتهم ضد الاحتلال الذي عمل منذ نشوء الكيان على تغيير مفاهيم الانتماء الوطني الأصلي لهم وإسباغ عليهم صفات “الوطنية المزيفة الإسرائيلية” من خلال تزويدهم بجوازات السفر “الإسرائيلية”، وغسل أدمغتهم من خلال “منظمات المجتمع المدني” (NGO’s)، الممولة من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والقيادة الصهيونية بهدف قلب الحقائق التاريخية واللعب على أوتار “الانتماء” الواحد لجغرافيا مسلوبة منهم أصلاً واشراكهم في مجتمع واحد عملت القيادة الصهيونية على جلبهم من أصقاع الأرض لجمعهم في فلسطين المحتلة وإعطائهم هوية واحدة تجمعهم مع أصحاب الأرض الأصليين على أسس صهيونية مزيفة.
إن انتفاضة عرب الـ 48، أقوى بكثير من الصواريخ التي تنهمر على تل أبيب وغيرها من مناطق “الكيان العبري”، وهي تدل على أن ما سعت “إسرائيل” ومنذ عقود على ترسيخه من “مفاهيم” مزيفة عملت على زرعها في عقول “العرب”، ذهبت أدراج الرياح، وأعادت الوعي الحقيقي للانتماء الوطني العربي لفلسطينيي الـ 48. فالوحدة الوطنية الفلسطينية أكثر ما يخيف قيادة الكيان الصهيوني، وعندما تدافع غزة عن القدس والـ 48 والضفة الغربية، هذا يعني أن فلسطين واحدة ولا تتجزأ من البحر إلى النهر بحدودها التاريخية وليس بتقسيمات “أوسلو” وغيرها من اتفاقيات العار.
إن ما يجري الآن في فلسطين، وبالرغم من قساوة المشاهد الآتية من هناك والتدمير والقتل الممنهج والمتعمد للأطفال والنساء والشيوخ، يبشّر ويثبت بإمكانية تحرير الأرض كل الأرض، وهذا ليس رأي أنا بل آراء “نخبة المجتمع الصهيوني” والتي سبقتني بقول هذا، إنما جاءت الوقائع الأخيرة في فلسطين لتثبت ذلك حقاً وجعل ما كان مستحيلاً فيما مضى ممكن الآن بإذن الله.
 
				




