اقلام حرة

احاسيس إمرأة لا تعرف ماذا تريد ..

..

اشترت رقم هاتف وابقت الرقم سرّياً ،سرّيا إلى حدّ أنّها لم تخبر احداً به وانها لم تستعمله قطّ،لا اتّصلت بأحد ولم يتصل بها أي كائن يتحرّك ويتكلّم على الارض.
برّرت الأمر لنفسها بحججٍ لم تقتنع بها إنما لم تستطع ان تخفي فرحها وغبطتها ان لها حديقة صغيرة جداً من الخصوصية السرّية التي لا يعرفها احد.

قالت انها تنتقم من ابيها الذي كان قاس في تربيته.
منعها ان تخطىء في مراهقتها.
تعشق الخطأ.
حتى زوجها الذي لم تقتنع به يوماً واختها المقرّبة منها كثيرا لا يعلمان.
تظنّ انّ الشخص الوحيد الذي بإمكانها ان تعطيه الرقم هو عدوّها او عدوّتها.
الا ان ازمتها ان لا اعداء لها.
قررت أن تصنع عدوّة .
قررت أن تناطح جارتها المطلّقةوان تعاكسها وان تتهمها بمحاولات اغواء زوجها.
الا انها تذكرت انها لا تحب زوجها وانها لن تصاب بنوبات غيرة وقلق.
وتذكّرت ايضاً ان جارتها المطلّقة ليست جميلة وقد عانت من مرض سرطان الثدي والرحم وقد استأصلهما الطبيب وان جارتها تحمل ادويتها بكيس من النايلون.
لا بدّ ان تجد عدوّاً او عدوّة لتقاوم الضجر.
لتقاوم السأم والملل.
لتشعر انها مهددة.
لتتأكد انّها موجودة حقيقة لا شكلاً.
لا رقماً عادياً.
بعد يأس حضرت الى الطبيب وسألته ان كان بحاجة لرقم هاتف سرّي لتهديه ايّاه وجلست لاعنة حظّها انها فاشلة لا تنفع لأي مغامرة من مغامرات الدراما التركية والمكسيكية والسورية.
لم يرض الطبيب الهدية.
ازدادت بؤساً عاطفيا.
ربما كانت تقصد أن تطلب منه أن يتّصل بها على رقمها السرّي لتقنعه انّها امرأة مرغوبة ومهمّة.
ما يزيد معاناتها ان الجميع يحترمها في الشارع وهي تتمنى ان يغازلها أحدهم لتهينه أمام كل الناس.
الا ان احدا لم يسمعها اي كلمة اطراء.
وماذا تفعل بانوثتها؟!
أين تذهب بميلها للأغواء وللاغراء إنما بكرامة وبشرف.
عادت وتخلّت عن شرطين .
وجدت انّه من الأفضل التخلي عن شَرطي الكرامة والشرف.
لا لزوم للكرامة وللشرف.
لا بأس لتكن أمرأة بلا كرامة وشرف.
رضيت بالاغواء وبالاغراء فقط.
ومشت في الشارع بانتظار غمزة عين.
كلمة غزل.
الا ان احدا لم يطلب رقم هاتفها ولم يحدّق بها في الشارع احد.
وحده كلب صغير اكبر من الهرّ بقليل نبح خلفها بلطف فالتفتت وابتسمت لصاحبته ولعنت حظّها وأكملت الطريق.

د احمد عياش.

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس رأي الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق