
بعد 38 عاما على الاجتياح الأسرائيلي للبنان ووصول دباباته الى ساحة الشهداء توقعنا انه بعد اندحاره قد ترك خلفه ذرية لا بأس بها من العملاء ستجتاح جحافلها البشرية القادمة من الشمال والشرق ساحة الشهداء لتحقق ما عجز عنه الأجداد والاباء فتتمكن من هزم المقاومة في عقر دارها وتحول سلاحها الى قطع حديدية منزوعة الذخيرة ولكن وا خيبتاه هكذا صرخت غولدمائير من قبرها معاتبة نتنياهوو ناقلة اليه رسالة عتب ولوم شديدة اللهجة من بن غوريون فدافع عن نفسه بالقول لست انا من يلام بل عليكم ان تلوموا ذلك الراقد الى جانبكم شارون الذي اوهمني بأن لأسرائيل عائلة في لبنان ذوو بأس شديد ويدينون بالولاء لنا فتبين ان الابناء افشل من الاباء بل وعلى قدر كبير من الغباء وكأنهم في ذلك اليوم اجروا للشعب اللبناني استفتاء فكانت النتيجة هي ان معظمه يدين لمقاومته بالولاء وبدلا من ان يحولوا سبتنا هذا الى عيد تحول للمقاومة يوم مجيد ولما حاولنا استخدام المكر والدهاء لأستدراك هذه الهزيمة النكراء استحضرنا التاريخ وأوعزنا الى صبياننا بأن يلجأوا الى مصيدة الاستفزاز علنا نحصل على مرادنا وقد كان فكبرنا الصورة وضخمناها وصببنا على نارها زيت التحريض الاعلامي وفتحنا لها جبهة ثانية لكي نضع جمهور المقاومة بمواجهة المسيحي والسني معا من خلال احداث فتنة طائفية مذهبية فنعوض هزيمتنا بالنقاط الى فوز بالضربة القاضية ولكن خابت الأمال وطاشت الأحلام وتحولت الحادثة التي اردنا من خلالها فتح الجبهات على المقاومة وسلاحها وأشعال المنابر بالخطب الحماسية التي تستثير الغرائز
وتحرك الغوغاء والدهماء وايقاظ مارد الفتنة ليشعل الارض تحت اقدامها ،قد تحولت الى مناسبة للتباري في الحرص على الوحدة الوطنية والدينية وبدلا من رش المواد الحارقة فوق النار سارع الجميع الى خراطيم المياه لأخمادها وبدل حمل الفؤوس لقطع الرؤوس حملت المعاول تحفر قبرا لدفن الفتنة وما ظنناه تعويضا عن هزيمتنا الاولى تحول الى هزيمة ثانية أشد وأقسى فلماذا تلوميني يا سيدة غولدمائير وقد قلت لكم من قبل بان غرفة عمليات ح زب الله هي في السماء فمتى استطاعت الشياطين هزيمة الملائكة ولربما اخطأنا يا غولدا بأختيارنا ذكرى اجتياحنا للبنان كموعدا للانقلاب على السلاح فلا بد ان في الذاكرة الجمعية للبنانيين ما زال هناك اثر باق لما قدمه هذا السلاح من عزة وكرامة للبنان وهم من احتفلوا قبلها ببضعة ايام بعيد التحرير
الذي تحقق بفضل هذا السلاح والذي لم يكن في ذاك الوقت ذكيا دقيقا ونوعيا بل كان وطنيا عقيديا مبدعا فكيف للبناني ان ينسى بسهولة ان هذه المقاومة حولت اجساد ابنائها الى قنابل تنفجر بوجهنا وكيف انهم عبروا النهر وحفروا الصخر وجابوا الوديان وتسلقوا الجبال فحققوا المحال وهزموا جمعنا وأذلوا كبريائنا وحطموا اسطورة جيشنا الذي لا يقهر حتى بتنا لا نجرؤ على
عبور السياج ونختبىء من ظلهم كما الدجاج وجنودنا الى اليوم ما زالوا يتلقون العلاج من اثار الرعب الذي زرعه في نفوسهم هؤلاء المقاومين الذين حفرت بطولاتهم على اشجار الزيتون والتين وتتغنى بانتصاراتهم الحقول والبساتين فكيف ننتصر عليهم بحفنة من المجانين وكيف لنا ان نواجه بالفأر التنين
اذا كنا داخل اسوارنا من ذكرهم مرعوبين وكل ما راهنا على
مؤامرة لكسرهم عدنا مذمومين خاسرين فكيف لك يا غولدا ان تلومين واسرائيل اليوم تواجه سيدا لو واجهناه مجتمعين من هرتزل الى بن يامين لخسرنا خسرانا مبين فيكفي ان يرفع سبابة اصبعه اليمين فتعصف بنا الريح من صنعاء وبغداد ودمشق وبيروت فلا تبقي لبني صهيون باقية فيا سيدتي نحن نواجه
رجلا كطالوت في جيشه داوود ورجاله كجان سليمان يطيرون ويغوصون ويدكون الحصون ويحمل في يده السيف الذي اطاح برأس مرحب وبقبضته قوة جده حيدر الذي أقتلع باب حصن خيبر
ويبدو لي يا غولدا بأن نهايتنا ستكتب على يديه وان حلمنا بأقامة هيكل سليمان قد تحول الى كابوس وبأن هذا الأنسان سيحقق وعده بأن يرفع في الأقصى للنصر أذان ويصلي لله صلاة شكره
ويعلن للعالم بأسره ان أسرائيل اصبحت في خبر كان فأرقدي يا غولدا وأدخري لي الى جانبك في الجحيم مكان .
المستشار قاسم حدرج