مقالات

ارتفاع في عدد حالات الانتحار في لبنان… الوضع الاقتصادي يتصدّر هاجس اللبنانيين!

شهد #لبنان 83 حالة انتحار خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، في الوقت الذي يقدم شخص، على الأقلّ، على الانتحار في لبنان كلّ يومين أو كلّ 48 ساعة تقريباً.
الأرقام والإحصاءات المتفاوتة من الجهات الرسميّة تشير إلى زيادة مقلقة في نسب الانتحار، ويتصدّر العامل الاقتصادي المحفزات المؤثرة على الصحة النفسية عند اللبنانيين، إذ تشير الأرقام إلى ارتفاع واضح نتيجة الظروف المعيشيّة والاجتماعية والأزمات المتتالية التي يعيشها اللبنانيون، فيستسلم كثيرون لهذه الضغوط بالموت!
وفق أرقام قوى الأمن شهدنا زيادة في عدد #حالات الانتحار بنسبة 7.8% في الأشهر الماضية، بالرغم من أن بعض حالات الوفاة لا تُسجّل أو يتمّ إدراجها ضمن خانة الانتحار لأسباب عائلية أو اجتماعية.
لكن الباحث في الدولية للمعلومات، محمد شمس الدين، يؤكّد أن الأرقام الجديدة تُظهر أن هناك ارتفاعاً نسبته 7.8% في حالات الانتحار في لبنان، خلال أول 7 أشهر من العام 2022، وذلك مع تسجيل 83 حالة انتحار، وهي نسبة “مقلقة” وليست بقليلة مقارنة بعدد سكّان لبنان.
أكثر من 700 ألف شخص حول العالم يقدمون على الانتحار سنوياً، وفق منظّمة الصحة العالمية، وأن 80% من جميع حالات الانتحار تحدث في الدول المنخفضة أو متوسّطة الدخل.

ما نشهده من أزمات اقتصادية واجتماعية وهواجس تلاحق اللبنانيين، في ظلّ تردّي الأوضاع المالية وانقطاع الأدوية وإقفال الشركات وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، قد أدّى إلى زيادة في عدد شكاوى المواطنين، والأخطر انتشار الأفكار الانتحارية وزيادة حالات الانتحار.
وفي هذا الصدد، تؤكّد مشرفة برنامج “خط الحياة” في جمعية Embrace ريف رومانوس لـ”النهار” أن أعداد المكالمات التي نستقبلها زاد بنسبة ثلاثة أضعاف عمّا كانت عليه في السنوات الماضية، إذ كنا نتلقّى ما بين الـ300 والـ500 اتصال شهرياً منذ ثلاث سنوات، أما اليوم فنتلقى نحو 1300 اتصال في شهر حزيران، و1000 اتصال في شهر تموز.
وما كان لافتاً ليس فقط زيادة وتيرة الاتصالات إنما نوعها أيضاً. فلم نكن نسمع من قبل عن مشكلات وأزمات نعجز عن إيجاد حلول لها، لأن الموضوع ليس بيدنا كجمعية إنما بيد الدولة. وبالتالي، فالمشكلات التي ترهق كاهل الناس تزداد تعقيداً، فانقطاع الأدوية وفقدان العمل وعدم القدرة على استشارة طبيب أو معالج نفسيّ، بسبب الغلاء وارتفاع التكلفة، أدّت إلى زيادة الثقل على العاملين. باختصار، الوضع بات صعباً جداً و”أكبر منا”.
وتوضح رومانوس بأن “الوضع الاقتصادي يحتلّ المرتبة الأولى في الاتصالات وهموم اللبنانيين. وقد أثرت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير على الحياة اليومية للمواطنين، كما أن صعوبة الوصول إلى الرعاية الصحيّة بسبب ارتفاع تكاليف الطبابة دفع ببعض المرضى النفسيّين إلى تغيير أدويتهم، وتناول عيارات أقلّ، للاستفادة من كمية الدواء لوقت أطول، ممّا يؤثر في فاعلية علاجهم وعودة عوارض المرض النفسي”.
نعرف أن المرض يتطوّر في حال لم يتلقَّ الشخص علاجه اللازم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المرض النفسيّ الذي قد يتطوّر وتسوء حالة المريض في حال لم تتمّ متابعته جيّداً. وفي النهاية، قد يقدم الشخص على الانتحار بسبب الضغوطات وعدم المتابعة مع اختصاصيّ نفسيّ.
وتشير رومانوس إلى أن “أرقام الانتحار في لبنان غير دقيقة، ويعود سبب ذلك إلى عدم تسجيل بعض حالات الوفاة على أنها انتحار. صحيح أن زيادة حالات الانتحار ليست مطردة، ولكن نُسجّل ارتفاعاً في انتشار الأفكار الانتحارية الصامتة مثل ” يا ريت بموت وبرتاح”، “الله يريحني”، “شو هالحياة؟”، ” يا ريت بنام وما بقوم”، “يا ريت بمرض وبموت”… كما بدأنا نتلقّى اتصالات من مرضى سرطان يشتكون من القلق والخوف الذي يعيشونه نتيحة انقطاع في الأدوية السرطانية، وهذه الأزمة المستجدّة لم تكن تُسجّل سابقاً في لبنان”.

وعليه، تشدّد مشرفة برنامج “خط الحياة” في جمعية Embrace على أنّ “عدد المتّصلين العاطلين من العمل ارتفع هذا العام بشكل لافت. فالوضع الاقتصادي يحتلّ المرتبة الأولى في التأثير على حالة الشخص النفسيّة وزيادة الأفكار الانتحارية عند اللبنانيين نتيجة ما يتعرّضون له من أزمات مختلفة.
وكان لافتاً زيادة نسبة الاتصالات التي تتحدّث عن زيادة العنف المنزلي والأسري والزوجي وتعاطي المخدرات. ويعود ذلك إلى الضغوط النفسية والاجتماعية التي يتعرّض لها المواطن”.
لكن كيف يمكن الاستماع إلى الأشخاص الذين يمرون بأزمة نفسية؟ وكيف يمكن مساعدة الشخص للوقاية من الانتحار؟ لا تُخفي مشرفة “خطّ الحياة” أنّ هناك وسائل عديدة يمكن اللجوء إليها لتقديم المساعدة، وتبدأ أولاً بـ:
* طرح السؤال بشكل مباشر على الأشخاص: “هل تفكّر في الانتحار؟”، فإنّ ذلك لن يزيد من الأفكار الانتحارية أو يُشجّع عليها، بل على العكس سيشعر الشخص بأنّ الآخر يشعر به ويفهمه ولا يحكم عليه.
* الإصغاء إليه، وعدم الحكم عليه، وتقديم المساعدة له. تجنّب قول بعض التعابير مثل “ما بقى تفكّر هيك، أو شيل هودي الأفكار من رأسك”. لأنّه لو كان باستطاعته فعل ذلك لما كان يعاني ويتحدّث عمّا يعتريه من حزن أو قلق أو اكتئاب أو إحباط…
* تشجيعه على الحديث، والاتّصال على رقم الحياة 1564، “لأنّ الحكي بخلّص حياة”.
* التخلّص من الطاقة السلبية من خلال القيام بشيء يحبّه مثل الرسم أو الكتابة أو القيام بأنشطة معينة.
* طلب المساعدة من اختصاصيين وأطباء نفسيين.
* خلق روتين يوميّ ما يساعده على تنظيم حياته واستعادة الطاقة والأمل.
* التحدث إلى أشخاص يثق بهم ولا يحكمون عليه.
* الانتماء إلى مجموعة أو جمعية لأنّ شعور الانتماء يساعد الشخص على ##الوقاية من الانتحار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق