مقالات

على هامش السيرة لعميد الادب العربي د. طه حسين

 عندما تقرأ عن زيارته الأخيرة للحجاز بدعوة من المملكة العربية السعودية، التي تحدث عنها الدكتور محمد عمارة، فلقد زار طه حسين أدباء الحجاز والملك، وبالطبع في حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أدى فريضة الحج والعمرة، فالروحانية بكلامه وهو الرجل “الأعمى” أكثر من رائعة، لكن البصيرة التي تحدث فيها عندما صعد جبل عرفات وزار جبل أحد، أو عندما أخذ حفنة من التراب وشمّ فيها عبق التاريخ الإسلامي في تلك البقعة المباركة، إستشعر التاريخ وجبل الرماة (شمال المسجد النبوي)، قرب المدينة المنورة، وأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي هذا الطريق سار النبي، هذا الشعور الرائع، من رجل أعمى البصر، لكن بصيرته أوصلت لوحات رائعة عن حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، خصوصاً في آخر أيام عميد الأدب العربي.

على الهامش

في كتاب “على هامش السيرة”، يقول طه حسين، بأنه في هذا الكتاب لم يأتِ بجديد، وترى ما فيه موجود في كتاب طبقات بن سعد وتاريخ الطبري وسيرة بني هاشم، فسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم موجودة في الكتاب التاريخية، وما ميّز طه حسين، طريقته الأدبية في سرده للمضمون الأدبي الجميل والرزين، حتى لو تمعنّا في العنوان “على هامش السيرة” تم إقتباسه من كتاب الكاتب الفرنسي جوملت “على هامش الكتب” في القرن التاسع عشر.

إبـداع

يقول طه حسين في مقدمة كتابه “على هامش السيرة”: (هذه صحف لم تُكتب للعلماء ولا للمؤرخين لأني لم أرد بها إلي العلم، ولم أقصد بها إلي التاريخ وإنما هي صورة عرضت لي أثناء قراءتي للسيرة فأثبتها مسرعاً ثم لم أر بنشرها بأساً، ولعلي رأيت في نشرها شيئاً من الخير، وأحب أن يعلم الناس أيضاً أني وسعت على نفسي في القصص، ومنحتها من الحرية في رواية الأخبار واختراع الحديث ما لم أجد به بأساً، إلا حين تتصل الأحاديث والأخبار بشخص النبي، أو بنحو من أنحاء الدين، فإني لم أبح لنفسي في ذلك حرية ولاسعة، وإنما التزمت ما ألتزمه المتقدمون من أصحاب السيرة والحديث، ورجال الرواية، وعلماء الدين، ولن يتعب الذين يريدون أن يردوا في أصول هذا الكتاب القديم في جوهره وأصله، الجديد في صورته وشكله، إلى مصادره القديمة التي أخذ منها).

ويعتبر طه حسين كتاب على هامش السيرة من أحب الكتب إلى قلبه، إضافة إلى كتاب الوعد الصادق، وكتاب مرآة الإسلام، القطعة الأدبية الجميلة جداً، وكتاب الشيخين، وكتاب الفتنة الكبرى، فمن يمتلك ذائقة أدبية وشعرية وحسيّة، من المؤكد أنه وجد ضالته في كتب العميد طه حسين، والدكتور عبد الرحمن الشرقاوي وتوفيق الحكيم، وغيرهم من العظماء، سيشعر أنه في عالمٍ آخر، فيهم من البلاغة والفصاحة والقوة والثقة الكثير، دون أن نغفل بأن طه حسين هو رائد من رواد الأدب العربي الحديث والحركات التنويرية العربية، فعندما تقرأ كتابه “الأيام” وبإجماع عالمي بأنه أفضل كتاب سيرة ذاتية لن تجد مثله لو قرأت كتب السير الذاتية لكل الكتّاب والزعماء حول العالم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى