اقلام حرة

لماذا ننام وكيف نموت…؟

ليس لأنك متعب العضلات يغلبك النعاس،ابداً،تنام عندما يتعب الدماغ من هرولة التفكير .
عندما يقرر الدماغ تأجيل القرارات وتأجيل البحث في حلول لعقبات.
يقرر الدماغ إغلاق العيون واطفاء الاضواء عندما يؤجل البحث المتكرر بلا جدوى في امنية لم تتحقق،في امنية تبقى رغبة في الخيال،في تمنّ غير قابل للتنفيذ.
يحسم الدماغ أمر إطفاء اليقظة مؤقتاً لحماية نفسه عندما تعيد الذكريات نفسها في مشاهد جميلة يصعب تكرارها ما يسبب زيادة حدة الحسرة والندم.
لا ينام المرء لانّه مرهق.
عندما تتراكم المهمّات في الخيال وتنقص الامكانيات إلى حد العدم يدعو الدماغ صاحبه إلىالاسترخاء و النوم كآلية دفاعية عضوية-مادية-جسمية لعلّه يرشيه بحلم يبحث عن تفسيره بين صفحات ابن سيرين .
ابن سيرين أعظم من سيغموند فرويد فقد قال امورا في الواقع وفي الغيب وعن أعماق الذات وعن مقاصد الامنيات وعن مفاعيل الخيبات والخوف والندم والشعور بالذنب والانتصارات ما لم يكتشفه تصوير الرنين المغناطيسي بعد.

ينام المرء عندما يصبح النوم اكثر لذّة من طعم اليقظة.
احيانا ينام ليهرب وأحيانا ليسرّع من حركة الزمن.

ينام عندما تصبح اليقظة تكرارا لاحداثٍ جديدة وقديمه تعيد المعاناة.
دعك من الميلاتونين ومن تأثيرات المواد البيو-كيميائية، ينام المرء ليجرب واقعة الموت.
ينام ليجرّب واقعة الموت.
ولكي لا يكون الموت صدمة نفسية مفاجئة لا يقوى على تحمّلها الدماغ يمارس الدماغ النوم كموت مؤقت كل ليلة حتى يصبح الموت رغبة ودعاء.
وما ادراك ربما النوم فرصة هرب للروح لتقوم باستشاراتها مع الأرواح المتمردة والمطمئنة والراضية المرضية.
ربما هي فسحة او هامش لتفاهم ولمفاوضات سرية بين نفس لوامة ونفس مطمئنة ونفس أمارة بالسوء.

وعندما يصبح الموت جزءاً من دعاء ومن رغبات المرء يقوى اللاوعي إلى حدّ انه يضغط على زرّ التدمير الذاتي للانسان.
هكذ يموت الإنسان.
عندما يقتنع بلا جدواه في الحياة.
هكذا ننام وهكذا نموت موتاً يبدو طبيعياً إنما في الحقيقة تغتالنا الحياة.
ترمينا برصاص الامنيات التي لم تتحقق ومضى عليها الزمن.
لا نموت ميتة طبيعية بل تغتالنا الذكريات.
اما الذين يموتون في حوادث طارئة فإن الاله يستدعيهم للحضور كي لا يغتالهم.
من هنا ومن تحت شجرة كينا محررة في حديقة الصنائع وجالسا على تنكة نيدو صدئة ومطعوجة أدعوكم لاحترام النوم ولعدم الخوف من الموت بما اننا جميعا ميتون.
ابقوا أحياء تنجون ولو كان نصف عمركم موتا مؤقتاً وصراعات بين انفس وأرواح وأدوية ومصارف واقلام وارغفة خبز!.
ابقوا أحياء نكاية بالأنظمة الرأسمالية والتوتاليتارية ونكاية بالرأسمال الحرام والمصارف.
والله اعلم.

 

د احمد عياش

المقال يعبر عن رأي الكاتب و ليس رأي الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى