اقلام حرةمقالات

يوميات كلّ حرب .

ماتت قتلاً بقصف طائرات حربية معادية تلك الأم التي ناهز عمرها الخمسين فصل خريف الا ان الاب الأعمى المصاب بالزهايمر الذي ناهز عمره الثمانين شتاء ما زال ينده لها كل صباح عند السادسة ليوقظها كي لا يفوتها باص المدرسة.

المبنى الاثري الذي انهار بحكاياته التاريخية سقط معه ألفي عام من روايات صمود الحجر وافراح الاشجار.

في الحرب تتحوّل الناس كلها لفلاسفة وجوديين ولرجال دين عالمين بالغيب ولحفاري قبور متضامنين مع الموتى الذين لا يعرفون عنهم شيئاً.

وحدها المَدافع تعلن موعد إمتلاء المدارس الرسمية بالنزلاء وبتحوّلها لفنادق من ثلاث نجوم.

لا يختفي و لا يصمت السياسي الثرثار المنافق والجبان مع عائلته الا عندما يمتشق الشجاع ابن كرم الزيتون وشتلات التبغ سلاحه ليدافع عن احياء وعن معابد وعن مصارف وعن معامل وعن قصور و عن منتزهات سياحية طردت والده المسكين الحارس الليليّ لأنّه لا يجيد الانكليزية بطلاقة.

وحدهم الطائفيون يصابون بالأرق والقلق و لا ينامون ليلا ونهاراً لانشغالهم بعدّ البيوت المهدمة واسماء القتلى والجرحى من الطائفة الأخرى المقاتلة. 

وحدهم الخبثاء والجبناء والمصابين بأزمة الانتماء يبتسمون في الحرب عندما تبكي الناس لظنّهم ان ما كانوا يعتقدونه من خساسة وما عانوا منه من ازمات نفسية أثبتت صدقيته مآسي اهالي الشهداء ومشاهد النزوح.

في الحرب تؤمن الناس فجأة بالربّ وتخافه وعند وقف إطلاق النار ينسونه و يعصونه و يتوقفون عن إعطاء الصدقات لإبعاد البلاء او تأجيله قدر المستطاع.

في الحرب أصغر النعوش أثقلها همّاً وشوقاً واشدّها حرقاً للفؤاد.

والله اعلم.

د.احمد عياش 

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي الموقع، شكرا على المتابعة. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى